قلّة من الفنانين يملكون رصيدًا جماهيريًا عميقًا كالذي حصدته النجمة التونسية جميلة الشيحي. لقد ارتبط اسمها بأعمال خالدة، أبرزها دور “زينب” في سلسلة “شوفلي حل”، الشخصية التي لم تكن مجرد دور كوميدي، بل أيقونة تعكس واقع المرأة التونسية.
لكن مؤخرًا، لم يكن الحديث عن عودة فنية بقدر ما كان عن تحول جسدي دراماتيكي؛ فبعد غياب لسنوات، ظهرت الشيحي بوزن أقل بأكثر من 30 كيلوغرامًا، مما أثار موجة من القلق والتساؤلات ودفع الجمهور لتداول شائعات حول معاناتها من مرض خطير. النجمة، التي اعتادت على الصدق مع جمهورها، قررت أخيرًا كسر جدار الصمت والكشف عن الحقيقة المؤلمة وراء هذا التغيير.
1. السر وراء التغيير الجذري: ليست وعكة صحية، بل صراع نفسي
في خطوة جريئة تلامس صميم قضايا الصحة النفسية، أوضحت جميلة الشيحي أن خسارتها للوزن بهذا الشكل الملحوظ في فترة قصيرة لم تكن نتيجة لحمية غذائية أو لوعكة جسدية، بل كانت تعبيرًا جسديًا عن ضغط نفسي هائل.
وأكدت الشيحي أن جذور المشكلة تكمن في العزلة والوحدة التي عاشتها في منزلها، خاصة بعد تجربتها بالطلاق وسفر أبنائها للدراسة في الخارج. هذا المزيج من “متلازمة العش الفارغ” والعيش وحيدة، بعد سنوات من الحياة الأسرية المزدحمة، أدى إلى تدهور حالتها النفسية، ما انعكس مباشرة على صحتها الجسدية وخسارتها الكبيرة للوزن.
2. ضريبة الشهرة ومتلازمة “العش الفارغ”
تفتح شهادة جميلة الشيحي ملفًا حساسًا غالبًا ما يتم تجاهله في عالم الشهرة والأضواء: الضريبة النفسية التي يدفعها الفنانون خلف الستار. فبالرغم من الصورة البراقة والشهرة الواسعة، فإن النجوم ليسوا محصنين ضد التحديات الإنسانية.
- تأثير العزلة: الوحدة التي تعيشها الشيحي بعد رحيل الأبناء تشير إلى عمق “متلازمة العش الفارغ”، وهي حالة نفسية شائعة تصيب الآباء بعد مغادرة الأبناء للمنزل، وتتفاقم إذا تزامنت مع ظروف شخصية أخرى كالطلاق أو التقاعد.
- الهروب إلى الداخل: إن تحوّل المعاناة النفسية إلى أعراض جسدية واضحة، مثل فقدان الشهية والوزن المفرط، هو دليل على أن الجسد غالبًا ما يعكس الصراعات التي لا يتم التعبير عنها بالكلمات.
3. ما ينتظر النجمة بعد البوح الصريح
إن خروج جميلة الشيحي بهذه التصريحات الصريحة والشجاعة ليس مجرد كشف لخبر شخصي، بل هو بمثابة رسالة توعية بأهمية الصحة النفسية، خاصة في مجتمعنا العربي الذي قد يتأخر في الاعتراف بها.
يأمل الجمهور والنقاد أن يكون هذا البوح الصادق بداية لمرحلة جديدة من التعافي والعودة القوية إلى الساحة الفنية. إن فنانة بحجم الشيحي، صاحبة التاريخ الفني والكوميدي المؤثر، قادرة على تحويل هذا التحدي الشخصي إلى إلهام فني في أعمالها القادمة، لتعود بـ”روح زينب” التي نعرفها، ولكن بعمق إنساني أكبر.








