نهاية الحرب و انفاق سلام في غزة

دلالات التوقيت.. حماس تسلم جميع الأسرى الأحياء تزامنا وصول دونالد ترامب

في خطوة لم تخلو من دلالات سياسية واستراتيجية عميقة، أعلنت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) عن استعدادها لتسليم جميع الأسرى الأحياء لديها، وتزامن هذا الإعلان مع وصول الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب إلى المنطقة في زيارة ذات طابع سياسي. هذا التزامن المثير للجدل يفرض نفسه كجزء أصيل من الخطوة، مما يرفع من قيمة هذا العرض ويضعه في إطار المناورات الجيوسياسية المعقدة بدلاً من مجرد كونه عرضاً إنسانياً مباشراً.

1. تحليل استراتيجية “التوقيت الذهبي”

يُعد التوقيت عاملاً حاسماً في أي عملية تفاوضية كبرى، خاصة في قضايا تبادل الأسرى التي تمس الأمن القومي للطرف الآخر. إعلان حماس عن تسليم جميع الأحياء تحديداً في هذه اللحظة يشير إلى عدة أهداف استراتيجية:

  • مخاطبة الإدارة الأمريكية القادمة: لا يمكن فصل وصول دونالد ترامب عن سباق الرئاسة الأمريكية. يمثل الإعلان رسالة مباشرة وغير مباشرة إلى المؤسسة السياسية الأمريكية وإدارة ترامب المحتملة، مفادها أن حماس قادرة على اتخاذ قرارات كبرى وأنها مستعدة للتفاوض على أرضية مختلفة، مما قد يضغط على الإدارة الحالية لتسريع التوصل لصفقة.
  • زيادة الضغط على المفاوضين الحاليين: إلقاء كرة “الأسرى الأحياء” في الملعب بالتزامن مع وصول شخصية أمريكية مؤثرة يضع ضغطاً هائلاً على الأطراف الوسيطة (مصر وقطر) والطرف الآخر، حيث يُظهر الإعلان مرونة حماس مقابل جمود مزعوم في المفاوضات.
  • رفع سقف الصفقة: عرض تسليم جميع الأحياء دفعة واحدة هو بطاقة تفاوضية قوية للغاية، تهدف إلى انتزاع أكبر قدر ممكن من التنازلات السياسية والإنسانية، بما في ذلك إطلاق سراح أعداد ضخمة من الأسرى الفلسطينيين ووقف شامل ودائم لإطلاق النار.

2. دلالة اختيار شخصية ترامب

تاريخ العلاقات بين حماس والولايات المتحدة خلال فترة ترامب الأولى كان متوتراً بشكل خاص. ومع ذلك، فإن تزامن العرض مع وصوله قد يعكس تقييماً استراتيجياً بأن:

  • ترامب لا يرتبط بخطوط حمر محددة: سياسة ترامب الخارجية غالباً ما تكون مدفوعة بالنتائج السريعة والمصالح، وقد ترى حماس أنه من الأسهل إبرام “صفقة كبرى” وغير تقليدية معه مقارنة بالمسارات الدبلوماسية المعقدة للإدارة الحالية.
  • لفت انتباه الرأي العام العالمي: يتمتع ترامب بضخامة إعلامية هائلة، واستغلال لحظة وصوله يضمن تغطية إعلامية واسعة النطاق للعرض، مما يحول القضية إلى مادة للجدل السياسي الأمريكي الداخلي.

3. الأثر الإنساني والقيمي

المضمون الإنساني لخطوة كهذه لا يمكن تجاهله. إن تسليم الأسرى الأحياء يمثل خطوة نحو إنهاء معاناة عائلاتهم. أما القيمة السياسية فتكمن في أن هذا الإعلان ينقل عملية التبادل من مجرد مفاوضات حول الأعداد، إلى قرار استراتيجي كبير يغير قواعد اللعبة السياسية في المنطقة.

خلاصة: إن إعلان حماس عن تسليم جميع الأسرى الأحياء تزامنًا مع وصول دونالد ترامب هو عمل استراتيجي محكم. هو ليس مجرد خبر، بل هو مناورة سياسية ذات قيمة عالية تهدف إلى تحقيق أقصى قدر من المكاسب في ملف الأسرى الشائك، من خلال استغلال التباين في المشهد السياسي الأمريكي والضغط على جميع الأطراف للوصول إلى حل شامل ونهائي.