ميزانية تونس 2026

تونس ميزانية 2026: زيادة في الأجور ونفقات التأجير ترتفع بنسبة 3.6% وسط جهود لضبط كتلة الأجور

يشهد مشروع ميزانية الدولة لعام 2026 في تونس توجهات مهمة تتعلق بـنفقات التأجير وكتلة الأجور، تعكس التزام الحكومة بمعالجة ملف التشغيل وتثبيت الاستقرار المالي.

ارتفاع مخصصات التأجير: دعم التشغيل وضبط الموازنة

قررت الحكومة رصد ميزانية كبيرة مخصصة لنفقات التأجير، حيث بلغت 25,267 مليون دينار (م د) لعام 2026. يمثل هذا المبلغ زيادة بنسبة 3.6% مقارنة بالميزانية المتوقعة لعام 2025 والتي كانت في حدود 24,389 م د .

السنةنفقات التأجير (م د)نسبة الزيادة المقدرة
2025 (متوقعة)24,389
2026 (ميزانية)25,2673.6%

على الرغم من هذا الارتفاع في المخصصات، تؤكد وزارة المالية في تقريرها أن كتلة الأجور ستواصل توجهها نحو الاستقرار ضمن الناتج المحلي الإجمالي (GDP). فمن المتوقع أن تستقر الكتلة عند 13.4% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2026، وهو انخفاض ملحوظ مقارنة بـ 14.1% المتوقعة في عام 2025 و 13.9% المسجلة في عام 2024. هذا التراجع النسبي يشير إلى جهود الحكومة لضبط الحجم الكلي للأجور مقارنة بالنمو الاقتصادي.

جهود استثنائية لدعم التشغيل: خطط الإدماج والتسوية

تُعزى الزيادة في اعتمادات التأجير إلى “مجهود استثنائي” يهدف إلى دعم التشغيل وضمان إدماج القوى العاملة. ويتضمن هذا المجهود إحداث وتسوية وضعيات تشغيل غير قارة لـ 51,878 خطة عمل تقريبًا، تبرز من بينها 22,523 خطة جديدة وإضافية مخصصة لعام 2026 .

تتركز هذه الخطط على برامج إدماج وتثبيت واسعة النطاق تشمل الفئات التالية:

  • تسوية عمال الحضائر: استمرار البرنامج بقسط جديد يشمل حوالي 12,942 خطة.
  • إدماج الأساتذة والمعلمين النواب: تطبيق المرسوم عدد 21 لسنة 2025، ويشمل 13,837 خطة في المدارس الابتدائية والإعدادية والمعاهد.
  • ملف الدكاترة: تخصيص 1,350 خطة ضمن قسط عام 2026، منها 740 خطة لوزارة التعليم العالي.
  • حاملو الشهادات العليا والأعوان المتعاقدون: تسوية وضعية حاملي الإجازة التطبيقية (2,601 خطة)، وأساتذة التربية البدنية (1,066 خطة)، بالإضافة إلى المرشدين والقيمين وأعوان المخابر المتعاقدين (1,226 خطة).

تحليل الأثر: هل تنقذ الزيادة في الأجور القوة الشرائية؟

يشمل التقرير الحكومي رصد اعتمادات ضمن النفقات الطارئة وغير الموزعة لتغطية الانعكاس المالي لـالبرنامج الجديد للترفيع في المرتبات والأجور في القطاع العام على مدى 3 سنوات (2026 – 2028). هنا يكمن السؤال الاقتصادي الأهم: ما هو الأثر الحقيقي لهذه الزيادة على القوة الشرائية للموظف التونسي؟

1. مواجهة التضخم: التحدي الأكبر للزيادة الاسمية

تأتي أي زيادة في الأجور في تونس في سياق ارتفاع مستمر لمعدلات التضخم. إذا كانت الزيادة السنوية في الأجر أقل من معدل التضخم السنوي، فإن القوة الشرائية الحقيقية للمواطن تتآكل فعليًا. بعبارة أخرى، الزيادة في الأجر قد لا تكفي لشراء نفس كمية السلع والخدمات التي كان يشتريها الموظف قبل الزيادة.

  • القيمة المضافة: إن نجاح هذا البرنامج في دعم القوة الشرائية مرتبط بشكل مباشر بقدرة الحكومة على كبح جماح التضخم وتثبيت أسعار المواد الأساسية بالتوازي مع تطبيق الزيادة.

2. أثر الإدماج على الدخل العائلي: دعم الفئات الهشة

الجانب الإيجابي البارز هو التركيز على تسوية وضعيات التشغيل غير القار وإدماج حوالي 51 ألف خطة عمل. إدماج هذه الفئات، خاصة عمال الحضائر والأساتذة النواب، يعني تحويل دخلهم من وضعية “هشة” ومرتبات منخفضة وغير مستقرة إلى مرتبات منتظمة ومحسوبة ضمن الوظيفة العمومية.

  • تحسين النوعية: هذا التحول لا يزيد فقط من الدخل الفردي لهؤلاء الأشخاص، بل يوفر لهم أيضًا أمانًا وظيفيًا ووصولًا للحقوق الاجتماعية الكاملة (مثل التغطية الاجتماعية والتقاعد)، مما يرفع من مستوى الدخل العائلي بشكل عام.

3. ترشيد كتلة الأجور: التوازن المالي

في المقابل، تؤكد الحكومة على مواصلة ترشيد كتلة الأجور لضمان استدامتها، وذلك عبر:

  • الحراك الوظيفي: إعادة توظيف الموارد البشرية بكفاءة لسد الشغورات وتقليل الحاجة إلى انتدابات جديدة في بعض القطاعات.
  • تشجيع المبادرة الخاصة: تيسير الانتفاع بـعطلة لبعث مؤسسة، مما يسهم في تخفيف الضغط على الموازنة العمومية وتحفيز الخروج نحو ريادة الأعمال.

هذا التوازن يهدف إلى ضمان أن يكون الارتفاع في النفقات المخصصة للأجور مستدامًا ولا يضع ضغوطًا إضافية على المالية العمومية على المدى الطويل.


يمثل مشروع ميزانية 2026 خطوة مزدوجة: ضخ استثمارات مالية لدعم التشغيل وتحسين الدخل الاسمي، بالتوازي مع إجراءات هيكلية لضبط كتلة الأجور. لكن لكي يكون الأثر إيجابيًا وملموسًا على القوة الشرائية للمواطن، يجب أن تنجح الحكومة في السيطرة على معدلات التضخم التي تهدد بابتلاع أي زيادة في الأجور.