مأساة إنسانية تهز المجتمع المدني وتثير تساؤلات حول سياسات الترحيل الأوروبية
اهتز الرأي العام التونسي على وقع فاجعة جديدة في ملف الهجرة غير النظامية، حيث تم تأكيد وفاة شابين تونسيين كانا يسعيان لبلوغ الضفة الأوروبية. وتفجرت القضية بعدما كشف النائب السابق والناشط الحقوقي، مجدي الكرباعي، عن تفاصيل مروعة لحادث وفاتهما إثر محاولة يائسة للفرار من محطة بحرية في إيطاليا.
وبحسب ما تناقلته وسائل إعلام محلية بارزة، من بينها إذاعة الزيتونة وتقرير لـ الأخبار اللاذعة الديوان، فإن القصة المأساوية بدأت بمحاولة الشابين التسلل على متن باخرة Stena Line التابعة للشركة التونسية للملاحة (Cotunav)، والتي كانت متجهة إلى ميناء ليفرنو الإيطالي.
🚢 تفاصيل الحادث: نهاية مأساوية على متن سفينة العودة
أوضح الناشط الحقوقي مجدي الكرباعي في تدوينة له أن الشابين تم احتجازهما في غرفة مغلقة على متن السفينة خلال رحلة عودتها إلى تونس، بعد أن تم القبض عليهما في إيطاليا. وفي محاولة أخيرة ويائسة للتحرر وتجنب الترحيل، تمكنا من فتح الباب والقفز من السفينة:
- ضحية المروحة: تم سحب أحدهما بواسطة مروحة السفينة الضخمة، ما أدى إلى وفاته على الفور.
- ضحية الغرق: بينما اختفى الشاب الآخر في مياه البحر ليتم العثور عليه لاحقاً جثة هامدة غريقًا.
🛑 رفض طلب اللجوء وتطبيق “تونس دولة آمنة”
الأبعاد الأكثر إثارة للجدل في هذه المأساة، والتي تؤكدها المصادر الإعلامية، تتمثل في معاملة الشابين من قبل السلطات الإيطالية قبل وقوع الكارثة.
أكد الكرباعي أن الشابين حاولا التواصل مع السلطات الإيطالية وطالبا بحقهما في اللجوء، إلا أن الشرطة في الميناء رفضت طلبهما وأصدرت قرار ترحيل فوري. وقد استند القرار على تصنيف تونس كـ “دولة آمنة” في سياق سياسات الهجرة الأوروبية، ما يقلل من فرص قبول طلبات اللجوء من مواطنيها.
هذا التصنيف يثير جدلاً واسعاً في الأوساط الحقوقية التونسية والدولية حول مدى عدالة هذه الإجراءات، خاصة في ظل تزايد التقارير عن حالات الوفاة المسترابة للمهاجرين التونسيين في مراكز الاحتجاز والسجون الإيطالية.
📊 سياق عام: أزمة الهجرة في أرقام
تأتي هذه الفاجعة في الوقت الذي تواصل فيه الهجرة غير النظامية عبر المتوسط حصد المزيد من الأرواح.
- تصاعد الوفيات: يذكر الناشطون أن هذه الحادثة تضاف إلى سلسلة من الوفيات المسجلة للمهاجرين التونسيين في إيطاليا خلال السنوات الأخيرة، ما يسلط الضوء على الظروف الصعبة التي يواجهها المهاجرون بعد وصولهم.
- انخفاض العبور (ظاهرياً): رغم المآسي، كانت وكالة حماية الحدود الأوروبية “فرونتكس” قد أعلنت عن انخفاض في عدد عمليات العبور غير النظامية للحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي بنسبة بلغت 27% خلال الأشهر الأربعة الأولى من العام (2025)، مسجلة حوالي 47 ألف عملية عبور إجمالية.
- الطريق الأكثر نشاطاً: ورغم الانخفاض العام، تظل منطقة وسط البحر المتوسط (التي تشمل السواحل التونسية) واحدة من أكثر الطرق نشاطاً، حيث سجلت نحو 15,718 عملية عبور في الفترة المذكورة، ما يعادل ثلث إجمالي التدفقات، مؤكدة استمرار الضغط والمخاطر على هذه المسارات.
إن هذه الحادثة تضع مجدداً ملف المهاجرين التونسيين رهن المساءلة، وتدعو إلى ضرورة فتح تحقيق مشترك وشفاف للوقوف على ملابسات الوفاة والظروف التي أدت بالشابين إلى اتخاذ قرار القفز اليائس من سفينة الترحيل.








