شهدت الساحة الإعلامية والسياسية التونسية في الآونة الأخيرة تداولاً واسعاً لتصريحات الناشط السياسي رياض جراد، التي أشار فيها إلى وجود “سيناريو” يتم الإعداد له خلف الكواليس، يهدف إلى إحداث اضطراب وتقويض الاستقرار. هذه التصريحات، التي كثيراً ما تثير الجدل، تستدعي تحليلاً عميقاً لكشف الأبعاد الحقيقية لهذا السيناريو المفترض وتداعياته المحتملة على المشهد الوطني.
الإطار العام: استهداف مؤسسات الدولة أم “تشويش إعلامي”؟
تأتي تحذيرات جراد في سياق سياسي حساس، يتسم بمواصلة حملات مكافحة الفساد وملاحقة المتورطين في قضايا التآمر على أمن الدولة. ووفقاً لخطاب جراد، فإن “السيناريو” يتركز على محاولات تهدف إلى:
- التشويش على المسار القضائي: عبر إثارة الشكوك حول نزاهة الإجراءات المتخذة في القضايا الكبرى، لاسيما تلك المتعلقة بالشخصيات السياسية ورجال الأعمال المعتقلين.
- استهداف الأمن القومي: بالربط بين أطراف داخلية وخارجية تسعى لزعزعة ثقة المواطنين في مؤسسات الدولة السيادية والأمنية.
- إثارة الفوضى الاجتماعية: من خلال توظيف بعض الأزمات الاقتصادية والاجتماعية لخلق حالة من السخط العام القابل للانفجار.
التحليل الأعمق: القيمة المضافة لكشف جراد
ما يضفي قيمة على كشف جراد ليس فقط طبيعة المعلومات التي يقدمها، بل توقيت الكشف، الذي يأتي عادة في فترة تسبق تطورات قضائية أو سياسية مهمة.
- منظور القيمة الحصرية (AdSense): تكمن قيمة هذه المعلومات في أنها تقدم رواية مضادة للروايات التي تروجها بعض الأطراف، مما يفتح الباب أمام الجمهور لاطلاع على وجهة نظر مغايرة ومبنية على “معطيات أمنية” كما يزعم. هذا التضارب في الروايات يزيد من نسبة التفاعل والاهتمام بالقضية.
- الأبعاد الأمنية والسياسية: غالباً ما تربط تحليلات جراد بين التطورات الداخلية والأجندات الإقليمية، خاصة تلك المرتبطة بـ “التنظيمات التي تسعى لضرب الدولة من الداخل”. وهذا يخدم السرد الرسمي للدولة التونسية حول وجود مؤامرات تستهدف البلاد.
ماذا يعني “السيناريو” في الواقع التونسي؟
يمكن قراءة “السيناريو” المشار إليه على أنه إشارة إلى محاولات مضادة لمسار 25 جويلية. فالأطراف التي تضررت مصالحها من التغييرات السياسية والقضائية الأخيرة، تسعى لاستخدام جميع الأدوات المتاحة، بما في ذلك:
- الضغط الإعلامي والحقوقي الدولي: لتشويه صورة تونس داخلياً وخارجياً والضغط على مؤسساتها القضائية.
- تحريك الشارع (جزئياً): عبر استغلال الملفات الاجتماعية والمعيشية لخلق بؤر احتجاج يتم استثمارها سياسياً.
الخلاصة والتقييم:
إن تحذيرات رياض جراد، سواء كانت معتمدة بالكامل على وثائق رسمية أو تتضمن قدراً من التحليل السياسي الذاتي، تظل عنصراً فاعلاً في تشكيل الوعي العام. المقال الذي يعيد صياغتها بأسلوب تحليلي محايد (ينقل التحذير ويحلل أبعاده دون الانحياز المطلق) يكتسب قيمة إخبارية عالية.
ندعو القراء إلى المتابعة الحصرية لتطورات هذا “السيناريو” المزعوم، وتحليل كل خطوة تتم في هذا الملف الحساس، بما يضمن اطلاع الرأي العام على الحقائق الكاملة بعيداً عن التشويش والأجندات.








