عودة مقلقة لمرض الدفتيريا
في الآونة الأخيرة، سلطت التقارير الصحية الضوء على عودة ظهور وتفشي حالات لمرض الدفتيريا (الخُنّاق) في دول بشمال وغرب إفريقيا، تحديداً في موريتانيا والجزائر ويمثل هذا التطور يمثل جرس إنذار للسلطات الصحية والمواطنين على حد سواء، ويؤكد على الحاجة الملحة لتعزيز الوعي الصحي وبرامج التحصين الوطني.
الدفتيريا هي عدوى بكتيرية خطيرة يمكن الوقاية منها باللقاح، وتصيب في المقام الأول الجهاز التنفسي و يشكل انتقال العدوى عبر الحدود تحديًا يتطلب استجابة صحية منسقة، لاسيما بعد تسجيل خسائر في الأرواح في المناطق المتأثرة.
ما هي الدفتيريا (الخُنّاق)؟
الدفتيريا مرض تسببه بكتيريا الخُنَّاق الوتدية (Corynebacterium diphtheriae) ، فهذه البكتيريا تنتج سمًا يمكن أن يلحق ضررًا بالغًا بأعضاء الجسم الحيوية، وأبرزها القلب والجهاز العصبي.
الأعراض الرئيسية:
تبدأ أعراض الدفتيريا عادةً بعد يومين إلى خمسة أيام من التعرض للبكتيريا، وتتطور تدريجياً:
- التهاب وألم في الحلق: يكون مصحوبًا بصعوبة في البلع.
- ظهور طبقة سميكة: وهي السمة المميزة للمرض. تتكون طبقة رمادية أو بيضاء سميكة في مؤخرة الحلق أو اللوزتين، وقد تعيق التنفس.
- تضخم الرقبة: غالبًا ما يحدث تورم ملحوظ في الغدد الليمفاوية بالرقبة (يُعرف بـ “عنق الثور”).
- أعراض عامة: حمى خفيفة، تعب عام، وسعال مميز شبيه بالنباح في الحالات المتقدمة.
التحذير: قد يؤدي غياب التشخيص والعلاج السريع بالمضادات الحيوية ومضادات السموم إلى مضاعفات خطيرة تهدد الحياة، تشمل الفشل القلبي أو تلف الأعصاب الدائم.
كيفية انتقال العدوى:
ينتقل مرض الدفتيريا بسهولة بين الأفراد من خلال:
- الرذاذ التنفسي: الناتج عن السعال أو العطس للشخص المصاب.
- الاتصال المباشر: ملامسة الإفرازات من تقرحات الجلد المصابة بالدفتيريا الجلدية.
- الأدوات الملوثة: نادراً ما تنتقل عبر ملامسة الأسطح أو الملابس الملوثة.
الوضع الوبائي في المنطقة: الجزائر وموريتانيا
شهدت بعض المناطق في المنطقة تسجيل إصابات ووفيات بسبب هذا الوباء، مما دفع الجهات الصحية للتحرك الفوري.
- في الجزائر: أعلنت مديريات الصحة في ولايات متأثرة، مثل ولاية سكيكدة، عن رصد حالات إصابة، بما في ذلك حالات أدت إلى الوفاة وحالات حرجة تستدعي علاجًا مكثفًا. وقد ناشدت السلطات السكان بضرورة التوجه العاجل لمراكز الرعاية الصحية لتلقي جرعات التطعيم، خاصة الجرعات التذكيرية للبالغين، والتأكد من استكمال الجدول الزمني لتطعيم الأطفال.
- في موريتانيا: أعلنت الحكومة عن حصيلة ثقيلة للضحايا، حيث تزامنت جهود احتواء الدفتيريا مع التعامل مع حالات وبائية أخرى مثل “حمى الوادي المتصدع”. وتتواصل الجهود بالتعاون مع المنظمات الصحية الدولية لتقليل انتشار العدوى في المناطق الأكثر عرضة للخطر.
التحصين: خط الدفاع الأهم والأكثر فعالية
اللقاح هو الأداة الأكثر نجاحًا في مكافحة الدفتيريا ومنع مضاعفاتها القاتلة.
يُعد لقاح الدفتيريا جزءًا أساسيًا من برنامج التلقيح الموسع في غالبية دول العالم، بما في ذلك دول شمال إفريقيا. ويُعطى عادةً للأطفال في سلسلة من الجرعات تبدأ في الأشهر الأولى من العمر، وتليها جرعات داعمة في مراحل الطفولة والمراهقة والبلوغ.
نقطة إيجابية للاستدلال: يعتبر الوضع في دول مثل تونس آمنًا ومطمئنًا إلى حد كبير بفضل نجاح البرنامج الوطني للتلقيح الذي يشمل لقاح الدفتيريا ضمن التحصينات الروتينية والمجانية، مما ساهم في حماية البلاد من تسجيل أي تفشيات كبيرة منذ سنوات طويلة. هذا النموذج يؤكد أهمية الحفاظ على نسبة تغطية عالية باللقاح.
توصيات ونصائح للوقاية
للحفاظ على سلامة المجتمع والحد من انتشار هذا المرض، يجب الالتزام بالتوصيات التالية:
- التأكد من حالة التلقيح: يجب على الأفراد، وخاصة البالغين الذين يسافرون أو يعيشون في مناطق موبوءة، التحقق من سجلاتهم الطبية والتأكد من حصولهم على الجرعات التذكيرية الضرورية (غالباً ما يُعطى اللقاح كجزء من لقاح DTaP أو Tdap أو Td).
- الاحتياطات الأساسية: ممارسة النظافة الشخصية الجيدة، مثل غسل اليدين بانتظام وتغطية الفم والأنف عند السعال أو العطس.
- العزل المبكر: في حالة ظهور أعراض التهاب الحلق، خاصة مع الحمى والتعب، يجب طلب الرعاية الطبية الفورية والإبلاغ عن أي اتصال محتمل بمناطق موبوءة.
خلاصة القول، يمثل تفشي الدفتيريا الحالي تذكيراً صارخًا بأن الأمراض التي يمكن الوقاية منها لا تزال تشكل تهديدًا حقيقيًا. يجب أن يكون الالتزام بالتلقيح وزيادة الوعي الصحي ركيزة أساسية لضمان سلامة المجتمع في وجه هذه التحديات.








