تشهد أوساط صناعة السينما والترفيه في هوليوود حالة من الغليان والجدل المحتدم، بعد الظهور الصارخ لـ “تيلي نوروود”، أول ممثلة افتراضية تم تطويرها بالكامل بالذكاء الاصطناعي (AI). يمثل هذا التطور تحدياً وجودياً جديداً يلامس صميم هوية الفنان البشري، ويعيد إلى الواجهة المخاوف التي كانت الدافع الرئيسي للإضرابات الكبرى التي شلّت هوليوود عام 2023.
منصة طموحة تتحدى النجومية البشرية
الممثلة الافتراضية، التي طورها استوديو “شيكويا” (Xicoia)، لم تُطلق كأداة مساعدة، بل بطموح معلن لجعلها “سكارليت جوهانسون أو ناتالي بورتمان التالية”. هذا الطموح التصادمي أكدته مؤسِسة الشركة، إيلين فان دير فيلدن، التي كشفت عن تهافت وكالات المواهب على التعاقد مع هذا الكيان الرقمي.
هذا التهافت يعكس تحولاً محتملاً في نموذج الإنتاج السينمائي، حيث يمكن للممثلة الافتراضية أن توفر للشركات ميزة التحكم الكامل في الأداء، وتجاوز القيود التعاقدية واللوجستية التي تحكم العمل مع النجوم البشر.
انقسام حاد في المجتمع الفني
أثار هذا التطور ردود فعل غاضبة ومتباينة بين الممثلين البشريين، الذين يرون في “تيلي نوروود” تهديداً مباشراً لمسيرتهم المهنية وأخلاقيات المهنة:
- تهمة السرقة الأخلاقية: أعربت الممثلة مارا ويلسون علناً عن استيائها، متهمة صانعي “تيلي” بأنهم “ليسوا مبدعين، بل سارقو هويات” لادعائها أنهم “سرقوا وجوه مئات الشابات” لصناعة هذا النموذج الافتراضي. تضع هذه النبرة التركيز على قضية الملكية الفكرية والأخلاق في استخدام البيانات البيومترية لتغذية نماذج الذكاء الاصطناعي.
- الاستنكار النقابي: دعت النجمة ميليسا باريرا الممثلين إلى مقاطعة أي وكالة تتعاقد مع هذه الممثلة الافتراضية، معتبرة الأمر “مريعاً”، مما يُظهر عمق الخلاف وتأثيره المحتمل على علاقة الفنانين بوكلائهم.
الرد الدفاعي: الذكاء الاصطناعي كـ “نوع فني جديد”
في مواجهة هذا الجدل، اضطرت مؤسِسة “شيكويا” للرد، موضحة أن “تيلي نوروود ليست بديلاً عن الإنسان، بل هي عمل إبداعي”.
جادلت فان دير فيلدن بأن الذكاء الاصطناعي، مثله مثل الرسوم المتحركة والمؤثرات الخاصة في الماضي، لا يُقصد به الانتقاص من الأداء الحي، بل “يُقدّم طريقة أخرى لتخيل القصص وبنائها”. كما دعت إلى تقييم الممثلين الافتراضيين “كجزءٍ من نوعهم الفني الخاص، بناءً على مزاياهم”، بدلاً من مقارنتهم مباشرة بالممثلين البشر.
تأثيرات مستقبلية على صناعة الترفيه
بعيداً عن العواطف، يُثير ظهور “تيلي نوروود” تساؤلات استراتيجية حول مستقبل هوليوود:
- التشريع والحماية: هل ستضطر النقابات والهيئات التشريعية إلى وضع أطر قانونية صارمة تحدد حقوق الممثلين البشريين وتمنع الاستنساخ غير المصرح به لأدائهم أو مظهرهم؟
- إعادة تعريف الإبداع: هل سيُجبر هذا التطور الكتّاب والمخرجين على دمج الممثلين الافتراضيين في سردهم القصصي، مما يخلق أنواعاً جديدة من الأفلام تجمع بين الأداء البشري والتوليد الرقمي؟
الجدل حول “تيلي نوروود” ليس مجرد خلاف حول ممثلة واحدة؛ إنه انعكاس لـ صراع أوسع يواجه صناعة الترفيه حول قيمة الأداء البشري وسلامته في عصر يتمتع فيه الذكاء الاصطناعي بقدرة غير محدودة على المحاكاة والإبداع. تبقى الإجابة عن مستقبل هوليوود معلقة بتوازن العلاقة بين الإبداع البشري والتكنولوجيا الصاعدة.







