أصدرت الدائرة الجنائية الأولى المختصة بالنظر في قضايا الفساد المالي بالمحكمة الابتدائية بتونس أحكامها في ساعة متأخرة من ليلة الإثنين في قضية شغلت الرأي العام، كان المتهم الرئيسي فيها الرئيس الأول الأسبق لمحكمة التعقيب (قاضٍ معزول)، الطيب راشد.
تراوحت الأحكام الصادرة بالسجن بين أربع سنوات (04) وثلاثين سنة (30)، وشملت عددًا من القضاة ورجال الأعمال المتورطين في ملف القضية.
تفاصيل الأحكام الصادرة وعقوبات المصادرة
شملت الأحكام الصادرة عقوبات سالبة للحرية وغرامات مالية ضخمة تقوم مقام المصادرة، في إطار إدانة المتهمين بجرائم فساد مالي واستغلال نفوذ:
- السجن 30 عامًا: قضت الدائرة بالسجن ثلاثين عامًا في حق كل من الرئيس الأول الأسبق لمحكمة التعقيب الطيب راشد (قاض معزول)، مع خطية مالية تقوم مقام المصادرة قيمتها 4.807 مليار دينار، بالإضافة إلى مصادرة مناباته في عقارين اثنين. كما حكمت بالسجن 30 عامًا بالنفاذ العاجل على رجل الأعمال المُحال بحالة فرار فتحي جنيح، مع خطية مالية تقوم مقام المصادرة تقدر بـ 66.233 مليار دينار، ومصادرة حساباته المالية المجمدة وعقارين.
- أحكام متفرقة للقضاة ورجال الأعمال: حكمت المحكمة بالسجن 27 عامًا على رجل الأعمال نجيب إسماعيل، وبخطية مالية قيمتها 14.824 مليار دينار. كما صدر حكم بالسجن 20 عامًا على كل من القاضيين المعزولين عبد الرزاق الباهوري ومروان التليلي.
- أحكام للمتدخلين: صدر حكم بالسجن 14 عامًا على كمال الطبوبي (وسيط عقاري)، مع خطية مالية قيمتها 2.330 مليار دينار. وحُكم بالسجن 6 سنوات على رجل الأعمال الوردي النويصري (مُحال بحالة فرار)، مع خطية مالية قدرها 89.002 ألف دينار. كما حكمت المحكمة بالسجن عامين اثنين على عادل جنيح، مع خطية مالية تقدر بـ 177.437 ألف دينار.
تعويضات ضخمة لفائدة الدولة التونسية
قررت المحكمة قبول الدعوى المدنية وإلزام عدد من المحكوم عليهم وهم: الطيب راشد، عبد الرزاق الباهوري، مروان التليلي، وفتحي جنيح، بأن يؤدوا بالتضامن فيما بينهم مبلغًا ماليًا ضخمًا قدره 935.183.948 دينارًا (ما يناهز 935 مليون دينار) لفائدة المكلف العام في حق الدولة التونسية كتعويض عن الضرر المادي الذي لحق بها جراء هذه الأفعال.
تفاصيل القضية: استغلال النفوذ و”قرارات النقض بدون إحالة”
تتمحور القضية، التي عُرفت إعلاميًا بـ “قرارات النقض بدون إحالة”، حول تهم بالفساد المالي والارتشاء وتزوير وثائق رسمية واستغلال الوظيفة، بهدف تحقيق مكاسب غير مشروعة لرجال الأعمال المتورطين.
تضمنت الاتهامات تدخلاً من الطيب راشد، سواء خلال عمله كـ وكيل عام بمحكمة الاستئناف بتونس سنة 2018، في قضية رجل الأعمال نجيب إسماعيل بهدف تمكينه من الإفراج الوجوبي. كما شملت تدخله بوصفه رئيسًا أول لمحكمة التعقيب في صيف 2019، عبر استحداث دائرتين تعقيبيتين (35 و 36)، وتعيين قضاة محددين (الباهوري والتليلي) أصدروا أحكامًا بـ “النقض بدون إحالة” لفائدة رجلي الأعمال نجيب إسماعيل وفتحي جنيح، مما كبد الدولة خسائر مالية جسيمة.
التهم الأساسية الموجهة للمتهمين
كانت دائرة الاتهام المختصة بقضايا الفساد المالي قد وجهت للمتهمين تهمًا تشمل: الارتشاء من موظف عمومي، المشاركة في ارتكاب موظف عمومي زورًا أثناء مباشرته لوظيفه بصنع كتب مكذوب، واعتياد غسل الأموال باستغلال التسهيلات التي خولتها خصائص الوظيف. بالإضافة إلى تهم تتعلق بـ استعمال المدلس، والإرشاء، والتوسط بين الراشي والمرتشي.








