يُعدّ قطاع زيت الزيتون في تونس أحد الركائز الأساسية للاقتصاد الوطني ومصدراً حيوياً للعملة الصعبة. مع انطلاق موسم 2025-2026، تتجه الأنظار إلى التوقعات والمستجدات التي ستشكل ملامح هذا الموسم.
الأسعار الرسمية والإنتاج الوطني: بوادر إيجابية
أعلنت الغرفة الوطنية لمنتجي الزياتين عن الأسعار الأولية للتر الواحد من زيت الزيتون للموسم الجديد، والتي ستتراوح مبدئياً بين 12 و 12.4 دينار تونسي، مع إمكانية المراجعة تبعاً لتقلبات الأسواق العالمية. هذه الخطوة تهدف إلى توفير مؤشر سعري مبدئي يخدم الفلاحين والمصنعين.
- توقعات الإنتاج: تشير التوقعات الأولية إلى موسم واعد، حيث يُنتظر أن يتراوح المحصول الوطني بين 460 ألف طن و 500 ألف طن من الزيتون. يمثل هذا الرقم مؤشراً إيجابياً لتحسن الإنتاج الوطني مقارنة بالمواسم السابقة.
- الدعم الحكومي: أكدت الدولة التونسية التزامها بدعم القطاع من خلال برامج التمويل والمرافقة، بهدف تحسين جودة الإنتاج وتطوير القدرة التنافسية التصديرية…
تأثير البورصات العالمية وسباق التصدير
يبقى سعر زيت الزيتون التونسي مرتبطاً بشكل وثيق بالأسواق العالمية وتقلبات الأسعار التي تخضع لعوامل دولية، أبرزها:
- الأسعار العالمية للزيوت: يتأثر زيت الزيتون بشكل مباشر بأسعار الزيوت النباتية الأخرى وبورصات الحبوب والدولار.
- القرارات السياسية الدولية: تلعب القرارات الاقتصادية والسياسية في الدول المستوردة الكبرى دوراً حاسماً.
إقرأ ايضا
وفي سياق التصدير، كشفت رئيسة الغرفة الوطنية عن تحديات جديدة تواجه السوق التونسية، أبرزها:
- الرسوم الأمريكية: فُرضت ضرائب جديدة ومؤقتة على الصادرات التونسية من زيت الزيتون نحو السوق الأمريكية، مما يُشكل تحدياً للمصدرين.
- تنوع الأسواق: تدفع هذه التحديات تونس إلى تنويع أسواقها التصديرية والتوجه بقوة نحو أسواق أوروبا، آسيا، والخليج لتعويض أي تراجع محتمل في السوق الأمريكية.
رؤية استراتيجية لدعم القطاع
لتحقيق أقصى استفادة اقتصادية من هذا الموسم الواعد، تبرز الحاجة إلى رؤية استراتيجية متكاملة:
- تأسيس شركة وطنية: دعت الحكومة إلى إنشاء شركة وطنية قابضة تحت إشراف الدولة، مهمتها تنظيم القطاع، الإشراف على الإنتاج والتسويق والتصدير، لضمان التوازن وتحقيق قيمة مضافة للاقتصاد الوطني وزيادة عائدات العملة الأجنبية.
- الدبلوماسية الاقتصادية: ضرورة تفعيل دور الدبلوماسية الاقتصادية وسفارات تونس بالخارج للترويج لزيت الزيتون التونسي في الأسواق العالمية وفتح آفاق تصدير جديدة.
- دعم التمويل: تم توجيه دعوات للبنوك التونسية للانخراط في تمويل موسم الجني، وتوفير السيولة اللازمة للفلاحين والمصدرين، باعتبارها خطوة أساسية لـتحريك عجلة الاقتصاد الفلاحي.
تراجع عائدات صادرات زيت الزيتون
قدّرت العائدات المتأتية من تصدير زيت الزيتون، منذ بداية الموسم في نوفمبر 2024، وحتى سبتمبر 2025، ب3599،1 مليون دينار، أي بتراجع بنسبة 28،4 بالمائة، مقارنة بالفترة ذاتها من الموسم المنقضي (2023 2024)، وفق تقرير صادر عن المرصد الوطني للفلاحة، امس الثلاثاء.
وأفاد المرصد أنّ 21،4 بالمائة، من إجمالي هذه العائدات، فقط، تتعلق بزيت الزيتون المعلب. يذكر أنّ معدل سعر زيت الزيتون عند التصدير تراجع، بنسبة 46،2 بالمائة، خلال سبتمبر 2025، مقارنة بالفترة ذاتها من 2024، وتراوح بين 9،28 دينار للكيلوغرام (كلغ) الواحد، و 17،9 دينار للكلغ الواحد، حسب الأصناف.
وقدّرت الكميّات المصدّرة من زيت الزيتون، خلال الموسم 2025/2024، ب268،6 ألف طن بزيادة، بنسبة 41،3 بالمائة، مقارنة بالفترة ذاتها، من الموسم 2023 /2024.
وشكّل الزيت المعلب 15،1 بالمائة من هذه الميّات المصدرة. فيما وقع بيعن 84،9 بالمائة من زيت الزيت الزيتون التونسين سائبا على مستوى الاسواق الخارجية. ولاحظ المرصد الوطني للفلاحة زيادة في كميّات زيت الزيتون المعلب المصدّر، مقارنة بالموسم 2023 /2024، إلى حدود 13،9 بالمائة.
ومثل صنف زيت الزيتون البكر الرفيع، 77،7 بالمائة، من الكميّات المصدّر. واستحوذت السوق الأوروبية على الجزء الأكبر من مبيعات تونس من زيت الزيتون، في حدود 58 بالمائة، متبوعا بسوق امريكا الشمالية، ب26،3 بالمائة، ثمّ افريقيا، ب9،4 بالمائة، فقط.
ومثلت إسبانيا المورّد الأوّل لزيت الزيتون التونسي، بنسبة 26،7 بالمائة، تليها إيطاليا، ب26،4 بالمائة، فالولايات المتحدة، ب19،3 بالمائة. تصدير 50،9 آلاف طن من زيت الزيتون البيولوجي وقدّرت مبيعات تونس من زيت الزيتون البيولوجين ب50،4 ألف طن، بقيمة 714 مليون دينار، فيما لم تتجاوز كميّات زيت الزيتون البيولوجي المعلّب، بنسبة 6،3 بالمائة، من إجمالي الزيت المصدّر.
وتراوح معدل سعر زيت الزيتون البيولوجي بين 14،02 دينار و13،81 دينار، للكيلوغرام الواحد، بالنسبة للزيت السائب، وقدّر سعر الكيلوغرام من الزيت المعلّب ب17،06 دينار. وتعتبر إيطاليا المورد الأوّل لزيت الزيتون البيولوجي، بنسبة 51،1 بالمائة، من الكميّات المصدرة خلال الأشهر 11 الأولى من الموسم 2024 / 2025، تليها اسبانيا (20،8 بالمائة) فالولايات المتحدة الأمريكية (17 بالمائة)
خلاصة القول: يتجه موسم زيت الزيتون 2025-2026 في تونس نحو تحقيق قفزة نوعية في الإنتاج، إلا أن نجاحه مرهون بمدى التكيف مع تقلبات الأسواق العالمية، وتفعيل الاستراتيجيات الوطنية لتعزيز التصدير وتحقيق التوازن بين مصلحة الفلاح والمستهلك.
