“فاجعة صفاقس”: النيابة العمومية تفتح تحقيقاً حول وفاة امرأة و طفل في ظروف غامضة

اهتز الرأي العام في مدينة صفاقس التونسية على وقع حادثة مأساوية ومحزنة، تمثلت في العثور على امرأة مفارقة للحياة إلى جانب طفل وُجد في حالة صحية حرجة وعلى قيد الحياة وقتها ، وقد استدعت فداحة وغموض الواقعة تدخلاً فورياً من السلطات القضائية والأمنية لفك خيوط هذه الفاجعة.

الناطق الرسمي يوضح تفاصيل الواقعة المأساوية

في تصريح إعلامي عبر إذاعة “ديوان إف إم”، أوضح الأستاذ هشام بن عياد، الناطق الرسمي باسم المحكمة الابتدائية بصفاقس 1، التفاصيل الأولية للحادث. وأشار إلى أنه تم العثور، صباح اليوم على امرأة في عقدها الرابع مشنوقة داخل مستودع منزلها الكائن بمنطقة سيدي صالح التابعة لمعتمدية ساقية الزيت.

الأكثر إيلاماً في الحادثة هو العثور إلى جانبها على طفل يبلغ من العمر ثمانية سنوات، تبين أنه ابن شقيق زوج المرأة المتوفاة، وقد وُجد مشنوقاً بدوره. وقد تمكن أفراد العائلة من فك رباط الطفل ونقله على الفور إلى المستشفى، حيث وصفت حالته الصحية بأنها حرجة.

الطفل فارق الحياة بعد محاولات إنقاذ حرجة

نُقل الطفل فور وقوع الحادث إلى المستشفى الجامعي الحبيب بورقيبة بصفاقس وهو في حالة حرجة للغاية. وعلى الرغم من الجهود المكثفة التي بذلها الفريق الطبي لإنقاذه، إلا أن الطفل فارق الحياة متأثراً بإصابته يوم الثلاثاء 28 أكتوبر ، لتتضاعف بذلك حالة الصدمة العميقة التي تعيشها عائلته والمجتمع المحلي. وقد كان الطفل، وفقاً لشهادات الجيران، يتمتع بابتسامة دائمة وكان معروفاً بطيبته وحسن سيرته.

التحقيق يكشف عن مؤشرات “اضطراب نفسي وعائلي”

في الجانب القانوني والإجرائي، تولت النيابة العمومية ملف القضية، وفتحت تحقيقاً موسعاً للوقوف على الملابسات الدقيقة التي أدت إلى وقوع هذه الفاجعة المروعة.

تشير المعطيات الأولية التي جمعتها سلطات التحقيق إلى أن السيدة كانت تمر بفترة صعبة، عانت خلالها من اضطرابات نفسية حادة وضغوط عائلية متراكمة. هذه الظروف هي ما يُعتقد أنه قادها إلى “لحظة انهيار” فقدت فيها القدرة على السيطرة على تصرفاتها، ما أدى إلى هذا الفعل المأساوي المزدوج.

المسار القضائي: التشريح والتحقيقات المعمقة

على ضوء هذه الظروف الغامضة، أكد الناطق الرسمي أن النيابة العمومية بصفاقس اتخذت الإجراءات القانونية اللازمة فوراً، حيث تم:

  1. فتح بحث تحقيقي: للوقوف على كافة ملابسات وظروف الواقعة وتحديد الأسباب الحقيقية للوفاة.
  2. انتقال قاضي التحقيق: توجه قاضي التحقيق المختص على عين المكان لإجراء المعاينات الأولية الضرورية لجمع الأدلة.
  3. الأمر بالتشريح: أذنت النيابة العمومية برفع جثة المرأة الهالكة لعرضها على التشريح الطبي، وهو الإجراء الحاسم الذي سيكشف عن سبب الوفاة بدقة (سواء كان انتحاراً، أو نتيجة تدخل طرف ثالث، أو أي سبب آخر).
  4. التحقيقات الأمنية: تم تكليف فرقة الأبحاث والتفتيش للحرس بصفاقس بمهام التحقيق، والتي تشمل الاستماع إلى شهادات أفراد العائلة وشهود العيان المحتملين، وإجراء التحريات اللازمة التي تقتضيها مثل هذه القضايا الحساسة.

فرضية المرض النفسي وأهمية نتائج التشريح

أشار الأستاذ بن عياد إلى أن المعلومات الأولية المتحصل عليها تفيد بأن المرأة الهالكة كانت تعاني من مرض نفسي. هذه المعلومة، رغم أهميتها، تظل فرضية أولية. ومن المتوقع أن تلعب نتائج التشريح، إلى جانب التحقيقات الأمنية المعمقة، الدور الحاسم في تحديد ما إذا كانت الوفاة ناجمة عن انتحار مأساوي نتيجة حالتها الصحية، أو أنها نتيجة فعل فاعل، وهو ما سيحدده المسار القضائي بدقة.

إن هذه الفاجعة تذكّر بالدور الحيوي الذي تلعبه المؤسسات الأمنية والقضائية في التعامل مع القضايا التي تمس حياة المواطنين، وتؤكد على ضرورة الالتزام بالشفافية القضائية مع الحرص على عدم تداول معلومات غير مؤكدة. وتتجه الأنظار الآن نحو نتائج التحقيقات وتقارير التشريح التي ستكشف الستار عن الملابسات الكاملة للحادث المأساوي الذي أصاب عائلة صفاقسية بأكملها.